قصيدة الشاهي جسد والحبق روح للشاعر عبدالواحد بن سعود الزهراني، من المحاورات الشعرية التي تكشف عن عبقرية الشعر الشعبي في توظيف الصور البسيطة لإيصال معانٍ عميقة. تبدأ القصيدة بالبيت الشهير: يقول أبو متعب الشاهي جسد والحبق روح، وهو مدخل بلاغي يجمع بين المألوف واليومي (الشاي والحبق) وبين البعد الرمزي العاطفي. إن العنوان قصيدة الشاهي جسد والحبق روح يضع القارئ أمام ثنائية الجسد والروح، ليجعل من المشروب الشعبي رمزًا للعلاقة بين المادي والوجداني.
النص ينتمي إلى شعر البدع والرد، وهو فن شعبي يقوم على إلقاء بيت أو مجموعة أبيات (البدع) ثم مجاراتها بأبيات مقابلة (الرد)، ما يفتح المجال لحوار شعري غني. في هذه المحاورة، يعكس البدع صورة الجمال الطبيعي والبساطة، فيما يكشف الرد عن الجراح العاطفية وصعوبة دروب الحب. وهكذا تتحول قصيدة الشاهي جسد والحبق روح إلى نص وجداني يتأرجح بين اللذة والمرارة، بين الروح والجسد، وبين الحب والمعاناة.
البدع / عبدالواحد
يقول ابو متعب الشاهي جسد والحبق روح
والله لحصلت ناسا يحسبو الحبـق سـام
يقطع يمينـا عـاى البـراد ماحبقتلـي
اخير من شاه المغـرب ونعنـاع يونـه
الرد / عبدالواحد
لا باس ياقلبي الي حط في الحب قـروح
لا باس يا قلبا أغداه الهوى والحب اقسـام
على الوليف الي ارضيـه ويحـب قتلـي
واقول انا سد وجـه الله ونعنـا عيونـه
تقوم قصيدة الشاهي جسد والحبق روح على استعارة مركزية تجعل من الشاي جسدًا ومن الحبق روحًا. هذه الصورة المزدوجة تفتح الباب أمام القارئ للتأمل في العلاقة بين المادة والروح: فالجسد وحده بلا روح لا يساوي شيئًا، وكذلك الشاي بلا حبق يفتقد لبهجته. بهذا الأسلوب، يستحضر الشاعر رمزية يومية يعرفها كل إنسان في المجتمع السعودي، ليمنحها بعدًا وجدانيًا.
في أبيات البدع، يتضح ميل الشاعر إلى السخرية اللطيفة من الذين يسيئون فهم قيمة الحبق، فيعتبرونه سامًا بينما هو رمز للروح والعطر. ثم يعقد مقارنة بين الشاي الممزوج بالحبق وبين أصناف أخرى من الشاي، ليؤكد أن الأصل في الجمال البساطة والطبيعة.
أما الرد، فيأخذ منحى مختلفًا وأكثر وجدانية. هنا لا يعود الحديث عن الشاي والحبق فقط، بل يتحول إلى القلب الذي أصابه الهوى بالجراح. يقول الشاعر: لا باس يا قلبي الي حط في الحب قروح، مشيرًا إلى أن الحب، مهما كان مؤلمًا، يظل قدرًا لا مفر منه. الرد يضع القارئ أمام صورة العاشق الذي يقبل نصيبه من المعاناة، لكنه يجد العزاء في وفائه لوليفه.
إن العنوان قصيدة الشاهي جسد والحبق روح يتكرر هنا كرمز لمعادلة الحياة: الجسد يكتمل بالروح، والحب يكتمل بالألم والوفاء معًا. وهكذا يصبح النص بيانًا شعريًا عن أن الجمال الحقيقي لا ينفصل عن المعاناة، وأن الصدق في المشاعر يظل أسمى من الزينة الخارجية.
أبعاد رمزية
الشاي والحبق: رمزان للجسد والروح، للعلاقة بين الظاهر والباطن.
الجراح في القلب: صورة لمعاناة العاشق وصبره على الأقدار.
المحاورة الشعرية: تكشف عن حيوية الشعر الشعبي، وقدرته على الجمع بين الترفيه والجدية، بين السخرية والتأمل.
إن قصيدة الشاهي جسد والحبق روح لعبدالواحد الزهراني ليست مجرد أبيات طريفة، بل نص وجداني عميق يجمع بين الرمزية والبساطة. تكرار العنوان قصيدة الشاهي جسد والحبق روح في هذا المقال يعزز الكلمة المفتاحية، ويمنح النص حضوره في ذاكرة القارئ.
لقد نجح الشاعر في أن يجعل من تفاصيل الحياة اليومية، كالشاي والحبق، رموزًا للوجود الإنساني وللعلاقة بين الجسد والروح. وفي الوقت نفسه، كشف الرد عن البعد العاطفي الصادق، حيث يصبح القلب، رغم جراحه، قادرًا على الوفاء والرضا بنصيبه من الحب. بهذا تبقى قصيدة الشاهي جسد والحبق روح شاهدًا على عبقرية الشعر الشعبي في أن يحوّل أبسط التفاصيل إلى معانٍ خالدة، وأن يمنح القارئ تجربة وجدانية تجمع بين المتعة والعمق.