الأعمال الكاملة

للشاعر عبدالواحد الزهراني

https://abdlwahed.com/wp-content/uploads/2025/09/white_bottom_01-big-size.png
bt_bb_section_bottom_section_coverage_image

قصيدة الطموحات ماهلاغبار

وطني

قصيدة الطموحات ماهلاغبار يقيم الشاعر أ.د عبدالواحد بن سعود الزهراني حوارًا شعريًا مزدوجَ الصوت: صوتٌ يبوح بقلق الطموح الفردي والحيرة الوجودية، وصوتٌ يردّ حاملًا منطق الانتماء والوفاء للكيان الوطني. تنشأ القصيدة من مشهدٍ حميميّ—رغبة الرحيل والبحث عن فسحةٍ جديدة—ثم تتوسع لتلامس مفاهيم أكبر: الطموح، الكرامة، الضمائر، ومسؤولية الوطن. اللغة هنا نبطيّة رشيقة، والمخاطبة ثنائية تبيّن التوتّر بين الخصوصيّة والرؤية الشاملة التي تطلبها الانتماءات.

البدع

لو بغيت ارتحل من تحت سقف القصر وانصا عشاش
ضاقت الارض والكون الرحيب اشتبه بـره وبحـره

والطموحـات ماهـلا غبـار يفرقـهـا السـمـوم
قول واصرم حالـي لا تقـل واهنـاي وياسعـودي

قام كـل يضيـق وقـام يزمـل حديـد مـن حديـد
افتقدت الوجوه وغادر الصاحب اللـي منعتـي بـه

كني الحاير اللي يطلـب الليـن فـي صلـب علـي
الحصون الوثيقة مـا تظلـي حطـام ومـا تفيصـل

والخلايـق كمـا اوراق الشجـر يبتـدون وينتهـون
آدمـي يخفـظ روسـنـا وآدمــي يـرقـا بـنـا

الـــــــــــــــــــــــــرد

يا بلدنا على وجهك بياض الورق وانصـى عشـاش
ما قوي الرصاص اللي تروع منـه سكـان بحـره

الا دمغة ووصمة عار فـي وجـه تجـار السمـوم
رفرفت رايت التوحيد في هيبـة الحكـم السعـودي

دولة تضرب على يد المخالف بقبضـه مـن حديـد
مـا خسرنـا ولكنـا كسبنـا شهيـد مـن عتيـبـه

في جنوب الضماير ناقشين اسم فيصـل بـن علـي
يا بلدنا عسا يفداك من غيـر فيصـل ميـت فيصـل

ما طلبتيـه بسيـط امـوال تنعـاف وارواح تهـون
حتى لو ننـزف اخـر قطـرة مـن دمـي ارقابنـا

الأبعاد الفكرية والموضوعية

الثنائية بين الفرد والوطن: القصيدة تبني توتّرًا منهجيًا بين رغبة الفرد في الرحيل والتحرّر من ضيقاتٍ شخصية، وبين مسؤولية الانتماء الوطني. الصوت الأول يعبّر عن ضيق أفق وطموحات لا تُطفَأ، بينما الصوت الردي يذكّر بأن الهوية والوطن أعظم من الأهواء الفردية.
الطموح كقيمـة لا تُمحى: عنوان القصيدة يؤكّد أن الطموحات صامدة «ما هلا غبار» — أي لا يخمدها الزمن ولا الأذى، لكن الشاعر يُحذر من سمومٍ تشتّت الطموح أو تُشوّه مساره.
الكرامة والوفاء والشرعية: يظهر في الردّ تأكيد على رمزيات وطنية (راية التوحيد، الدور الوطني) وربط للوقائع المعاصرة بمبررات البقاء والصمود، إذ يُطرح مفهوم الشهادة والتضحية كقيمة مكرّسة في الخطاب الوطني.
لغة الصورة والتأريخ الذاتي: يستدعي الشاعر صورًا شخصية (الحصون، الوجوه، أوراق الشجر) لتمثيل دورة الحياة والتبدّل، ما يعطي النص بعدًا وجدانيًا إنسانيًا إلى جانب الأبعاد السياسية والاجتماعية.
الحوار كأداة عقلانية: استخدام بنية الردّ والبدع يتيح نقاشًا بين الخوف والطموح، بين النقد والاعتزاز، ويعكس ثقافة أدبية تطمح لتجاوز الأحكام السطحية إلى فهم أعمق للموروث والواقع.

الخاتمة

«الطموحات ماهلاغبار» قصيدة تعكس نضالًا داخليًا وخارجيًا في آنٍ معًا، تجمع بين هواجس الفرد وأوامر الجماعة. في متنها نجد شاعرًا يحاور ذاته والوطن، يستعيد الثقة بأن الطموح باقٍ رغم الضغوط، ويؤكد أن الانتماء أحيانًا يُستلزم التضحية. هي قصيدة وطنية وجدانية في آن واحد: تُوقظ الضمير وتُعانق الحلم.

إترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تم وضع علامة عليها بـ *

الأعلى