قصيدة صـــدام للشاعر عبدالواحد بن سعود الزهراني عمل شعري نبطي يمزج بين الذاكرة التاريخية والفخر القبلي والوطني. يتناول النص مواقف زمنية وأحداثًا حملت أثرًا في الوجدان الجمعي، فيستدعي الشاعر أسماءً ومشاهد تتصل بالمعركة والدفاع عن الأرض والشرف. العنوان «صـــدام» يشير إلى لحظة تاريخية صارخة لكنها تُقرأ هنا من منظور شعري يركّز على القضية الإنسانية: الانتماء، التضحية، وحفظ الكرامة.
البدع
آنحن زهران سمانا الله اسم زايد عن النـــاس
ما سمونا عصبة التنجيم لكن فعلنا سمانـــــا
واسمنا ما يختلف معناه عن لفظه ومنطقــــه
فرقتنا وانفرق به طيحته سد الذي في مـــأرب
من بلاد الرافدين إلى عمان إلى اجبـــال دوس
وبعث فينا رسول الله وكنا عصبته وانصــــاره
وانحن جند الله من ذاك النهار إلى نهار الديــن
غرس الله في تراب قلوبنا حب الشرف والغيــرة
واللي يجحد ينشد التاريخ عن قتلت عساكر قوب
يوم دسناهم دياس السانيه للزرع في عزامـــه
وطحناهم كما طحن الرحا في صافي الحبـــان
بالخناجر والجنابا والسيوف الصرم القطاعــــه
وحدايل بندق يعمي عيون الجن دخانها
الرد
يامطار البصره ما عاد فيك لاحس ولا ونــاس
يوم عقب طايرات الميج برضك طايرة سمانـــا
أقبلت من كل صوب وهاجرت من كل منطقـــة
والسبب صدام لما كان له قصد بعيد ومــــارب
وجنود العاصفه داسوا على جنده جبــال دوس
طمعه في الحرب حزب البعث وشيوعيته وانصاره
والذي يبغى يرد الدين يا مصعب نهار الديـــن
وجعلنا المعركة والحرب الاكبر درس له ولغيــره
يا عساك ندمت يا شعب العراق وياعساك رقـوب
إحتياط النفط من دونه رجال اقلوبهم عزامــــه
ونحن من بترولنا نرمي العدا ونعيش الحبــان
عصوا الظالم جنود كان يامرهم ويلقا الطاعـــه
غره الشيطان وأعماه الطمع والجند خانها
الأبعاد الفكرية في القصيدة
قصيدة صـــدام تحضر كوثيقة شعرية تستدعي الذاكرة الجمعية وتؤكد على قيم الشجاعة والذود عن العرض والأرض. يمكن قراءة الأبعاد الفكرية للنص في المحاور التالية:
الهوية والانتماء:
الشاعر يضع قبيلته — زهران — في قلب النص كرمز للانتماء والتاريخ، مذكّرًا بأن الاسم يحمل في طياته معنى ووجهاً يمتد إلى المواقف والمآثر.
التاريخ كشاهد:
الأبيات تستحضر أحداثًا ومشاهد حربية وغزوات ومواجهات، وتستخدم التاريخ كشاهد يفضح الجحود ويخلّد أهل الوفاء. بالتالي يصبح الشعر محفوظًا للذاكرة لا مقتصرًا على المشاعر فحسب.
الدفاع والشرف:
تتكرر صور القتال والأسلحة والبطولات (الخناجر، السيوف، البنادق)، لكنها تُوظف لدعم فكرة أن الدفاع عن الأرض والكرامة واجب يُبرّره الضمير الجماعي، لا تشجيعًا للعنف بحد ذاته.
التأويل الأخلاقي للحدث:
الشاعر يربط بين الطمع والخيانة وانحراف الجند عن العهد، ويعرض حربًا أخلاقية إلى جانب البعد العسكري: طمع القوى، خداع الجند، ونتائج ذلك على الشعوب. هذا يضع النص في سياق نقدي أخلاقي أكثر من كونه مجرد مدح للحرب.
التوازن بين الفخر والتحفظ:
على الرغم من النبرات الفخرية، تظهر في النص إشارات إلى الحزن والندم على ما حلّ بالشعوب، كما في دعاء للعدو بالندم أو تذكير بأن الطمع أعمى. الشاعر لا يحتفل بالدم، بل يبيّن عواقب الصراع ويستدعي دروس التاريخ.
اللغة والصورة الشعرية:
الاستخدام المكثّف للصيغ النبطية والبلاغة التصويرية يجعل المشهد حيًّا؛ الصور مثل “طحناهم كما طحن الرحا” أو “وحدايل بندق يعمي عيون الجن دخانها” تضيف قوة بصرية وسمعية للنص، وتؤكد على الإيقاع والحضور الشعبي.
الخاتمة
تُعدّ قصيدة صـــدام لعبدالواحد بن سعود الزهراني نصًا شعريًا يعيد قراءة لحظات تاريخية من منظور نبطي مختزل، يجمع بين الفخر بالانتماء والتذكير بآثار الصراع والطمع. يقدم الشاعر من خلالها شهادة لغوية عن مواقف انتصرت فيها قيم الشرف والذود، ومع ذلك يترك للقارئ فرصة التأمل في ثمن الصراع ودروس التاريخ. تبقى القصيدة وثيقة أدبية تعكس تجربة مجتمع وتجربة شاعر تجيد نسج الذاكرة مع الحكمة.