قصيدة يوم كنا سنة أولى ثانوي للشاعر عبدالواحد بن سعود الزهراني نص شعري اجتماعي يعكس جانبًا مختلفًا من مسيرة الشاعر الذي عُرف بالقصائد الوجدانية والوطنية. لكن في هذه المرة، يطلّ علينا بأسلوب سردي ساخر مليء بالصور اليومية البسيطة التي تُعيد القارئ إلى مقاعد الدراسة وذكريات المراهقة الأولى. إن عنوان القصيدة يوم كنا سنة أولى ثانوي لا يأتي فقط كجملة افتتاحية، بل يتحوّل إلى مفتاح يقودنا نحو عالم الطفولة والشباب، حيث تختلط البراءة بالطرافة وتتشابك التجارب الصغيرة مع الدروس الكبيرة.
من خلال هذه القصيدة القصيرة في عدد الأبيات، الكبيرة في دلالاتها، استطاع الشاعر أن يحوّل تجربة تبدو عابرة إلى مشهد حيّ يعكس تفاصيل جيل كامل. صندوق أمام مكتب الناظر يصبح رمزًا للثقة والاختبار، وتصرفات الطلاب تكشف ملامح المراهقة وما يرافقها من حيل وفضول. إن قصيدة يوم كنا سنة أولى ثانوي تعيد القارئ إلى لحظات ربما عاشها بنفسه، أو سمع عنها من تجارب من سبقوه، ليكتشف أن الشعر ليس بعيدًا عن الواقع بل هو ابن التفاصيل اليومية التي نصادفها جميعًا.
يوم كنا سنة أولـى ثانـوي فـي مدرسـة بـلال
كان معنا مثل صندوق الذهب قدام بـاب الناظـر
اللي يطرح قرش ياجي بعد حين الا وهو قرشين
اللي اهله مكرمينه كان يستثمر فلـوس المقصـف
واللي مـا عنـده دراهـم كـان يتبيـع دفاتـره
والغريب ان حضرة الناظر على الصندوق لوا قفلة
والغريب ان كل واحد يمتلك نسخة مـن المفتـاح
في سباق الوقت يا تلحق مع الطلاب يا ما تلحـق
الا والصندوق يوشك ينفجر من كثر ما جـا فيـه
واختفى الصندوق والناظر يناطر ما يحرك ساكن
واتهموه بتهمة ماهيـب فـي بطنـه ولا اظهـره
لكن الله لا يهينه قـام سـدد مالهـم مـن جيبـه
عله ياخذ درس ولعله يتوب ان كان ما قـد تـاب
ليش يتعامـل مـع شبـان فـي سـن المراهقـة
قصيدة يوم كنا سنة أولى ثانوي ليست مجرد وصف عابر لحادثة مدرسية، بل نص ساخر يسلّط الضوء على طبيعة مرحلة المراهقة وما يرافقها من تصرفات تلقائية. من خلال الأبيات، يعرض الشاعر مشهدًا كاملًا يبدأ من الصندوق الذي كان يُنظر إليه ككنز صغير، مرورًا بالطلاب الذين تعاملوا معه كل حسب ظروفه: من يضع القرش منتظرًا مضاعفته، ومن يستثمر، ومن يتبادل الدفاتر مقابل المال. ثم تأتي المفارقة الساخرة حين يمتلك الجميع مفاتيح الصندوق، فيكشف ذلك هشاشة النظام وبساطة المراقبة.
هذا النص يعكس براعة عبدالواحد الزهراني في التقاط تفاصيل الحياة اليومية وتحويلها إلى قصيدة تحمل نكهة اجتماعية خفيفة الظل. العنوان يوم كنا سنة أولى ثانوي يظل حاضرًا كمفتاح يربط القارئ بذكريات مشابهة، سواء كانت عن المدرسة أو عن تلك اللحظات التي تختلط فيها الطفولة بالمسؤولية. وهنا تكمن قوة النص: البساطة في الشكل، والعمق في الدلالة.
في النهاية، تبقى قصيدة يوم كنا سنة أولى ثانوي مثالًا حيًا على أن الشعر يمكن أن يكون مرآة للواقع ومسرحًا للتجارب الإنسانية اليومية. تكرار العنوان يوم كنا سنة أولى ثانوي في المقال يعزّز حضوره ككلمة مفتاحية ويؤكد أنه ليس مجرد عنوان، بل شهادة على مرحلة مليئة بالدهشة والمفارقات.
لقد استطاع عبدالواحد الزهراني أن يحوّل صندوقًا صغيرًا في مدرسة إلى رمز كبير يكشف ملامح جيل، ويجعل القارئ يبتسم وهو يقرأ الأبيات. إن قصيدة يوم كنا سنة أولى ثانوي تحمل في طياتها العبرة بقدر ما تحمل الطرافة، وتؤكد أن الشعر قادر على أن يحفظ تفاصيل الحياة اليومية ويمنحها قيمة أدبية تتجاوز حدود الزمان والمكان. بهذا تبقى هذه القصيدة علامة مميزة في تجربة الشاعر، وواحدة من النصوص التي تعيد للأدب الاجتماعي مكانته في التعبير عن حياة الناس.