قصيدة يا نخل في بيش للشاعر عبدالواحد بن سعود الزهراني (ردًا على بدع عبدالله البيضاني) تعد من النصوص الشعرية التي تستحضر رمزية النخل بوصفه رمزًا للشموخ، والوفاء، والقدرة على الصمود. يبدأ البدع بصورة بصرية آسرة: يا نخل في بيش تسقيه الغيوم الهوامـر، حيث يتحول النخل إلى كائن حي ينهل من الغيوم ليظل شامخًا مثمرًا. هذا الاستهلال يفتح الباب لتأمل العلاقة بين الطبيعة والإنسان، بين الصمود والجمال.
الرد الذي جاء به عبدالواحد الزهراني لا يقل عمقًا، إذ يربط بين رمزية النخل وتجربة الحب، فيقول: حبيت قدامك أدري عن عذاب الهوى أدري. وهكذا، فإن العنوان قصيدة يا نخل في بيش يصبح مفتاحًا لفهم النص: لوحة تجمع بين الطبيعة والوجدان، بين الثبات والانكسار، بين الشجر والعاشق.
البدع / عبدالله البيضاني
يانخـل فـي بيـش تسقيـه الغيـوم الهـوامـر
لها رعوادا كما هـدر الجمـال الهـودري
هبت هبوب الشمال وناض برق ونـاوي
محسن زراب النخل والناس عنده مساكين
يزيـد والا فـلا غيـره تغيـر ولا زاد
مجار ما يلمسه عيب ولا يلمـس افـات
في روس ذيك النخيل اللي متاين طويلـه
الرد / عبدالواحد الزهراني
يازين خل الهوا لاهلة تـرى ان الهوامـر
حبيت قدامك ادري عن عذاب الهوا ادري
وان كنت عازم على مافي ضميرك وناوي
اصبر على عيشة اقسى من حياة المساكين
معلق القلب مـا ينهـاك مـاي ولا زاد
كما الغريب الذي يطوي غريب المسافات
على اول الدرب ما يدري متى ينطوي له
قصيدة يا نخل في بيش تقوم على ثنائية قوية: الطبيعة والإنسان.
في البدع: يصف عبدالله البيضاني النخل في بيش بوصفه صورة للطبيعة الخالدة. الغيوم تسقيه، البرق يضيء من حوله، والثمار تتجدد باستمرار. النخل هنا ليس مجرد شجر، بل رمز للحياة المستمرة والكرامة التي لا تمسها العيوب. تكرار صور مثل المساكين و العيوب يوحي بمقارنة ضمنية بين ثبات النخل وتقلب الإنسان.
في الرد: يذهب عبدالواحد الزهراني إلى البعد الوجداني، فيحوّل النخل من رمز طبيعي إلى مرآة للحب والعاطفة. يقول: معلق القلب ما ينهـاك مـاي ولا زاد، أي أن القلب لا يرويه ماء ولا يزيده طعام، بل يظل معلقًا بالحب. هنا يتحول النخل من مجرد شجرة إلى رمز للعاشق الصامد، الذي يقف شامخًا رغم ما يعانيه من عطش داخلي.
العنوان قصيدة يا نخل في بيش يتكرر كرمز يوحد المعنى بين البدع والرد: في البدع، النخل رمز للكرامة والثبات؛ وفي الرد، النخل رمز للوفاء والحب الذي لا ينطفئ.
الأبعاد الرمزية
النخل: رمز للشموخ والصبر والجمال النقي.
الغيوم والبرق: صور للحياة المتجددة والعطاء المستمر.
المساكين: إشارة إلى البسطاء الذين يعيشون على عطايا الطبيعة، كما يعيش القلب على عطايا الحب.
الغريب: رمز للعاشق الذي يقطع المسافات دون أن يدري متى ينتهي به الطريق، مثل رحلة الحب التي لا تنتهي.
إن قصيدة يا نخل في بيش لعبدالواحد الزهراني (ردًا على عبدالله البيضاني) نص وجداني رمزي يجمع بين الطبيعة والإنسان. تكرار العنوان قصيدة يا نخل في بيش في المقال يعزز الكلمة المفتاحية ويؤكد أن النص ليس مجرد وصف للشجر، بل لوحة عن الحب والصمود.
لقد نجح الشاعران معًا في أن يجعلا من النخل رمزًا للحياة والكرامة، ومن الحب تجربة إنسانية تعادل عطايا الغيوم وثمار الأرض. وهكذا تبقى قصيدة يا نخل في بيش نصًا خالدًا يعلّمنا أن الشعر الشعبي قادر على أن يحوّل أبسط الصور الطبيعية إلى مرآة للوجدان الإنساني، ليجمع بين الثبات والعاطفة في لوحة واحدة.