الأعمال الكاملة

للشاعر عبدالواحد الزهراني

https://abdlwahed.com/wp-content/uploads/2025/09/white_bottom_01-big-size.png
bt_bb_section_bottom_section_coverage_image

قصيدة يا شفيق الروح

يوم كنا سنة أولى ثانوي

في هذه القصيدة الفريدة، يكتب أ.د. عبدالواحد بن سعود الزهراني نصًّا لا يخاطب فيه الآخرين بقدر ما يخاطب نفسه.
إنها مناجاة بين الحنين والندم، بين الرفيق والذات، بين من أساء الظن ومن تذكّر الجميل.
البدع يحمل ملامح الانكسار والبعد، أما الرد فيفيض بمشاعر الصفح والمودة.
بهذا التناقض الجميل تتجسد إنسانية الشاعر الذي يرى في العلاقات صراعًا بين الكبرياء والحب.

البدع

ما ترك من ما سهرت الليل ياحض الشقيق الروح
ادري اني ما ضربت الا بسيفٍ مثل ماي العينا
لا تحملني عقاب ولا تغربني بغير ما
اعرف الذر الذي ما يحصر الا وقت سمنات امره
وادري عن ناس تريد ان الحياة على مزاجها
يالبيب العقل ليش الغي حجاج العين واللغا رقبه
وانا ليش انكرك ياساق المعنى وانت وانت شلتني
ياعسى روح تهدم عزها بكفوفها تنهانا
ما يمر بها صباح ولا مسا حتى يهينها

الرد

يا سلامي ياعضيدي في الخطوب وياشقيق الروح
يعلم الله ان ابو محسن عزيز ومثل ماي العينى
والبصر شيخ النعم والعين ما تصبح بغير ما
اغتنينا ما افترقنا وافتقرنا واقتسمنا تمره
وشربنا جرعة روحي على روحك مزاجها
جيتني في بحر نسياني وكنت الهالك الغارق به
ماقدر انسى ساع مامديت كفك وانتشلتني
كنت بل لازلت تامرنا بخير وحكمتك تنهانا
عن ممرات الضياع وعن مسا حتى يهينها

الأبعاد الفكرية

الصراع الداخلي بين القلب والعقل:
يفتتح الشاعر نصه بحوار داخلي، يجمع بين العتاب والاعتراف، فيقول: «لا تحملني عقاب ولا تغربني بغير ما»، وهي عبارة تختصر وجع من يدرك خطأه لكنه يرجو الصفح.
هذا العمق الإنساني هو ما يمنح النص بُعدًا نفسيًا راقيًا يعكس نضج الشاعر وفهمه للعلاقات.

اللغة الرمزية والصدق العاطفي:
الزهراني يوظّف الصور الشعرية برقةٍ عالية، كقوله: «ياعسى روح تهدم عزها بكفوفها تنهانا»، ليصوّر ضعف النفس أمام ضميرها، وهو تصوير راقٍ للحالة الإنسانية حين تنكسر أمام الحق.

الرد كمصالحة إنسانية:
في الرد، نجد روح الصفح تتغلب على العتب، إذ يقول: «ماقدر انسى ساع مامديت كفك وانتشلتني»، فيتحول الخطاب من اللوم إلى الامتنان.
هذه النقلة العاطفية تمثل قمة النضج الشعري والإنساني، إذ تتحول القصيدة من نزاع إلى سلام.

الفكرة المحورية: الصداقة كحياة مشتركة:
يقول الشاعر في الرد: «اغتنينا ما افترقنا وافتقرنا واقتسمنا تمره»، ليؤكد أن الصداقة الحقيقية لا تقوم على المصلحة، بل على المشاركة في الرخاء والضيق معًا.

البعد الفلسفي:
النصان معًا يشكلان تجربة تأملية في معنى الوفاء، إذ يطرح الشاعر سؤالًا عن الثبات في زمنٍ سريع النكران، ليقدّم جوابه في الرد: الصفح أسمى من اللوم، والمحبة أعمق من الخطأ.

الخاتمة

قصيدة «يا شقيق الروح» هي واحدة من أكثر نصوص عبدالواحد الزهراني صدقًا ودفئًا، لأنها لا تصرخ ولا تعاتب الآخرين، بل تعاتب الذات لتصالحها.
في البدع يواجه الشاعر ظلّه، وفي الرد يحتضنه من جديد، لتولد من القصيدة حكمة الوفاء التي تقول:

لا تنكسر من خلافٍ مع من أحببت،
فرب كلمة عتاب تفتح بابًا للصفاء، لا للفراق

إترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تم وضع علامة عليها بـ *

الأعلى