الأعمال الكاملة

للشاعر عبدالواحد الزهراني

https://abdlwahed.com/wp-content/uploads/2025/09/white_bottom_01-big-size.png
bt_bb_section_bottom_section_coverage_image

قصيدة عند ربعي ثقيف بجدة

اعتزاز

من المحافل التي لا تُنسى في ذاكرة الشعر النبطي، تلك التي جمعت الشاعر الكبير أ.د عبدالواحد بن سعود الزهراني (أبو متعب) بالشاعر الدكتور إبراهيم الشيخي في إحدى حفلات جدة، حيث اشتعلت القوافي بين الطرفة والذكاء، والجدّ والمزاح.
قصيدة عند ربعي ثقيف بجدة تجسّد نموذجًا راقيًا لفن المحاورة النبطية الذي يمتاز بسرعة البديهة والردّ الفوري، لكنها في الوقت نفسه تحمل قيَم الأدب والاحترام والرمزية الاجتماعية.
الشيخي بدأ ببيتٍ فيه عتب ومواربة وجدٍ، فجاء ردّ أبو متعب يحمل دعابة ذكية تمزج بين الحيلة والهيبة، لينسج من الحضور مشهدًا طريفًا لا يخلو من عمق إنساني وأدبي.

البدع

عند ربعي ثقيف بجده احلى الليالي
ماتوافد وفود الغالي الا لغالي
زد على المر مر وكل حالي بحالي
مافي القلب صبر ولا في اليد حيله

من يقود الجرب يصبر على عدوى الجرب
مايحتاج اعلمك وانت رجال(ن) عريف
من تجاوز حد الاخلاق رده عند حده
واللي جاك بلاش تقدر تبيعه بهلله

الرد

قم وسمعني الموال واحلى الليالي
كيف عذبتني يامن بحسه لغالي
كان علمتني عذبت حالي بحالي
مافي القلب صبر ولا في اليد حيله

جانا رجل(ن) من سبيع احسب انه من جرب
لابس(ن) بدلة لواء مادريت انه عريف
واعترض له حد شامان يوقف عن حده
ماسمحنا له يسوي علينا بهلله

الأبعاد الفكرية

فن المحاورة كرمز للذكاء الاجتماعي: القصيدة تُظهر كيف يجمع الشاعر بين الفراسة وسرعة الارتجال، فيردّ بعبارات طريفة لكنها منضبطة بالاحترام، مما يجعل الرد يُضحك الحضور دون أن يُسيء لأحد.

المفارقة اللفظية بين الجد والهزل: البدع يحمل نبرة عتاب وتحدٍ، بينما الردّ يحوّله إلى مشهد فكاهي راقٍ، ما يعكس قدرة الشاعر على تحويل التوتر إلى طرافة.

الرمزية في “العريف” و“اللواء”: يوظف أبو متعب هذه الرموز العسكرية كاستعارة عن مراتب الناس وهيبتهم، ليعيد التوازن للموقف بطريقة لاذعة لكنها نبيلة.

الحضور والذاكرة الشعبية: هذه القصيدة من النماذج التي تُروى في المجالس، وتُعد جزءًا من الموروث الشفهي الذي يخلّد روح النكتة والذكاء الحجازي في الشعر النبطي.

إحياء الأدب الشعبي بروح أكاديمية: يثبت الزهراني أن الشاعر الأصيل يمكن أن يكون أكاديميًا في فكره، وشعبيًا في روحه، يجمع بين العلم والفكاهة والكرم اللفظي.

الخاتمة

قصيدة «عند ربعي ثقيف بجدة» ليست مجرد محاورة عابرة بين شاعرين، بل درس في كيفية إدارة الموقف بالكلمة الذكية والردّ الرفيع.
بأسلوبه الفريد، استطاع أبو متعب أن يحوّل المنافسة إلى ودّ، والمزاح إلى رسالة، ليؤكد أن الشعر الحقيقي لا يُقاس بالحدة في القول، بل بقدرته على رسم البسمة دون أن يُسقط الهيبة.
إنها إحدى اللقطات التي توثّق عبقرية شاعرٍ استطاع أن يُدخل النكتة إلى الأدب، وأن يزرع البهجة في ميدان الشعر النبطي.

إترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تم وضع علامة عليها بـ *

الأعلى