الأعمال الكاملة

للشاعر عبدالواحد الزهراني

https://abdlwahed.com/wp-content/uploads/2025/09/white_bottom_01-big-size.png
bt_bb_section_bottom_section_coverage_image
اعتزاز

في قصيدته «صح يا نايم»، يخلع أ.د عبدالواحد بن سعود الزهراني عباءة الشاعر التقليدي ليرتدي ثوب المفكر الناقد.
ينادي الأمة بصوتٍ موجع: “صح يا نايم صباح الضمير العربي”، وكأنه يريد أن يوقظ قرونًا من الغفلة، لا مجرد شخصٍ غارق في النوم.
هذه القصيدة ليست شكوى عابرة، بل تشريح دقيق لحال الأمة بين الماضي المجيد والواقع المتراخي، وبين الموروث الذي جُمِّد والعلم الذي غاب.

صح يا نايم صباح الضمير العربي
ادري ازعجتك اعذرني ولكن ماذا وقت نوم
وانت في عامك العشرين من قرنك الخامس عشر
يعني بالضبط هذا عام الالفين من ميلاد عيسى
يعني ان كان ما قمت ابغى افهم متى ودك تقوم
يالصديق العزيز الظاهر اني نسيت انا عرب
نصف تاريخنا عنتر وعبله وابو زيد الهلالي
نصف تعليمنا زيد ضرب عمر عمر ضم زيد
لاقامت كل دوله تفتخر بعلماها وبعضماها
قلنا حنا ربوع الشيخ فلان والشاعر فلان
عشنا لا فيزياء لا كيمياء لا علوم ولا صناعة
عشنا لا هندسه لا طب لاعلم نفس ولا فلك
وحنا في عصر الاستنساخ وارقى جرحات المجاهر
ننسخ العار هذا مثل جده وهذا مثل ابوه
انا وياك من حرب التفاعيل لا حرب الحداثه
لكن الغرب من حرب العصابات الى حرب النجوم
ننقد الناس والله يدري بحالنا وش عندنا

الأبعاد الفكرية

نقد الواقع العربي المعاصر:
يبدأ الزهراني نصه بنداءٍ صادق: «صح يا نايم صباح الضمير العربي»، وكأنه يخاطب أمةً غابت عن وعيها الحضاري.
يصفها بأنها “في عامها العشرين من قرنها الخامس عشر”، في استعارة ذكية تجمع الزمن الإسلامي والميلادي لتأكيد تأخرها التاريخي مقارنة بالعالم المتقدم.
الفجوة بين الماضي والمستقبل:
يستعرض الشاعر مأزق الهوية العربية التي ما زالت عالقة بين أمجاد الماضي وعجز الحاضر:
«نصف تاريخنا عنتر وعبله وأبو زيد الهلالي»، وهي صورة رمزية تختزل تمجيد البطولات القديمة مقابل غياب الابتكار العلمي.
نقد التعليم والثقافة التقليدية:
يقول: «نصف تعليمنا زيد ضرب عمر عمر ضم زيد» — جملة بسيطة لكنها مؤلمة، تعبّر عن نمط التعليم التلقيني العقيم الذي حفظ النصوص وترك التفكير.
ثم يتابع: «عشنا لا فيزياء لا كيمياء لا علوم ولا صناعة»، فيصف حال التخلف العلمي مقارنة بعصر “الاستنساخ والمجاهر”.
الوعي المقارن بين الشرق والغرب:
في قوله: «أنا وياك من حرب التفاعيل لا حرب الحداثة»، يضع الشاعر نفسه وجيله في مقارنة مباشرة مع الغرب الذي تطور من “حرب العصابات إلى حرب النجوم”.
المقارنة هنا ليست حقدًا بل محاولة لإيقاظ الشعور بالمسؤولية الحضارية.
الرسالة الفكرية الكبرى:
الزهراني لا يكتفي بالنقد، بل يقدّم رؤيةً أخلاقية: أن النهضة لا تتحقق بالحديث عن الماضي، بل بتجديد الفكر والتعليم والإنتاج العلمي.
ويختم بحكمةٍ موجعة: «ننقد الناس والله يدري بحالنا وش عندنا» — جملة تلخّص مأساة أمةٍ مشغولة بعيوب الآخرين وناسيةً ذاتها.
الخاتمة
قصيدة «صح يا نايم» تُعد من النصوص التي تُعبّر عن الضمير العربي الغاضب من السكون.
هي ليست هجاءً للعرب، بل صرخة محبة، وصوت إصلاحٍ ينادي: إن الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم.
لقد كتب عبدالواحد الزهراني هنا شعراً لا يُتلى فقط، بل يُقرأ كوثيقة فكرية، تحوّل الشعر إلى منبرٍ وعي، والكلمة إلى جرس يوقظ الأمم قبل أن يوقظ الأفراد.

إترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تم وضع علامة عليها بـ *

الأعلى