الأعمال الكاملة

للشاعر عبدالواحد الزهراني

https://abdlwahed.com/wp-content/uploads/2025/09/white_bottom_01-big-size.png
bt_bb_section_bottom_section_coverage_image

قصيدة صحبي الطيبين

يوم كنا سنة أولى ثانوي

في لحظةٍ نادرةٍ من التقاء الأدب بالروح، كتب الشيخ د. عائض القرني قصيدةً وُلدت من ضوء القلب وعذوبة الحكمة، فجاءه الردّ من الشاعر أ.د عبدالواحد بن سعود الزهراني بردٍّ يفيض أدبًا وتقديرًا، كأنه جسر بين المنبر والديوان، بين الكلمة الهادية والكلمة الشاعرة.
قصيدة «صحبي الطيبين» تمثل درسًا في الوفاء والصفاء، وفيها يحاور الشعرُ الإيمانَ في مشهدٍ تتعانق فيه المعرفة والعاطفة، وتتجسد القيم الإسلامية بلغةٍ نبطيةٍ متقنة، تنثر المحبة والاعتراف بالجميل.

 

البدع – الشيخ د. عائض القرني

صحبي الطيبين اخترتهم عـن جميـع النـاس لام
كلنا منكـر ذاتـه ولا حـد يسيـر علـى مزاجـه
أصفى الأحباب لا ظنيت فيهم ولا هـو ظـن بـي
ذكراهم في القلوب أقوى من الرعد لو شاع ارزمانه
والمواعظ وقال الله وقال الرسـول أزكـى حديـث
البحر يوقفه شاطيه والسيل يوقف لو يجـي السـد
والمحبـة فـي الرحمـن لا تضمحـل ولا تـروح
يعتنون أهلها مثـل الغـلام اللـي أهلـه منجبينـه
والضغاين مثل قضم الحصى بالضـروس المنيـده
لو هجرنا مواهبنـا وقلنـا لـراع الملـك واكـب
تحسب الحسنه بالفين ألـف لغيـرك وألـف لـك
أدخلتني حروب الشعر مـا بيـن مـداح وهاجـي
ليتني لو تركت الشعر ما عاد راسي داخ له

الرد – الشاعر أ.د عبدالواحد بن سعود الزهراني

يا سلامي على الدكتور عايض ثمان ميـة سـلام
يا سلامي من (التسنيم) وإلا من (الكوثر) مزاجـه
بارد سلسبيل وفيه نفحـات مـن حـوض النبـي
الله يحفظك يا عالم زمانه.. ويـا شاعـر زمانـه
أنت (حسان) وقته و(ابن تيمية) العصـر الحديـث
كيف جسدت روحك واخبر الروح لا يمكن تجسد ؟!
كيف خلصت روحك من قيود الجسد وأصبحت روح
شامخ مستقل ونور الإيمان يشـرق مـن جبينـه
والندى مثل وبل الغيث يبرق ويرعـد مـن يـده
ميزتك في زمانك ميزة الشمس عن باقي الكواكـب
رغم انه خلق كـل يسبـح ويسبـح فـي الفلـك
بعضهم في حياته يتقـد مثـل مصبـاح وهاجـي
يمنح النور غيره واللظى يشتغل من داخله

الأبعاد الفكرية

تجسيد الأخوّة الروحية:
القصيدة تمثل قمة الأدب الإسلامي في صورته الشعرية، إذ يتبادل فيها الشاعران معاني الإخاء، والعلم، والمحبة الصادقة، في مشهد يعيدنا إلى أدب السلف في التناصح والتقدير.

البدع بين الوعظ والحكمة:
يقدّم د. عائض القرني بدعًا يعكس فلسفة الأخلاق الإسلامية؛ يربط بين الصدق والوفاء والإخلاص لله، ويُظهر زهدًا شعريًا يقول فيه: «ليتني لو تركت الشعر ما عاد راسي داخ له»، في اعترافٍ إنساني نادرٍ يعبّر عن تواضع العلماء.

الردّ بين الوفاء والتبجيل:
يردّ الزهراني بلغةٍ شاعريةٍ رفيعة، تمزج بين الرمزية القرآنية والتصوير الأدبي، إذ يستعير من مفردات الجنة (التسنيم – الكوثر – سلسبيل) ما يعادل نقاء المخاطَب، ويشبّهه بـ«حسان وقته» و«ابن تيمية العصر الحديث».

تأمل في الوعي الديني والجمالي:
هذه القصيدة من النصوص التي تبرهن أن الشعر النبطي ليس مجرد بوحٍ وجداني، بل قادر على حمل الفكر والدين والعاطفة في آنٍ واحد، وتقديمها بلغة يفهمها العامة ويتذوّقها الخاصة.

التكامل بين الأدب والدعوة:
حين يجتمع شاعر أكاديمي كعبدالواحد الزهراني بداعية ومفكر كعائض القرني، يتكوّن مشهد منسجم بين الفكر والذوق، بين الموعظة والبيان، ليخرج شعرًا ذا رسالةٍ لا تذبل.

الخاتمة

قصيدة «صحبي الطيبين» هي وثيقة أدبية تجمع بين سمو الدين وبلاغة الشعر، وتؤكد أن الكلمة الصادقة قادرة على أن تكون جسرًا بين العلماء والشعراء.
فيها مزيج من الحكمة، والعرفان، والصفاء، يتجاوز حدود المحاورة إلى مستوى الرسالة، حيث الكلمة ليست منافسة، بل مشاركة في بناء وعيٍ راقٍ يكرّم الأخلاق ويصون الودّ.
بهذا النصّ، ترك الشاعران مثالًا خالدًا على أن الأدب حين يُكتب بروحٍ مؤمنة، يظلّ حيًا ما بقيت القيم تنبض في القلوب.

إترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تم وضع علامة عليها بـ *

الأعلى