الأعمال الكاملة

للشاعر عبدالواحد الزهراني

https://abdlwahed.com/wp-content/uploads/2025/09/white_bottom_01-big-size.png
bt_bb_section_bottom_section_coverage_image

قصيدة النمر ما خاف

اعتزاز

تفيض قصيدة «النمر ما خاف» بفخرٍ شعريّ أصيل يختزل هوية القبيلة وشجاعة الرجال في ميدان الكرامة.
يستدعي الشاعر أ.د عبدالواحد بن سعود الزهراني عبر مفرداته التاريخ والبطولة في وجه الأعداء، مستحضرًا مجد زهران وملامح الشجاعة التي لم تهن ولم تخضع.
يبدأ النص برمزية النمر، كائنٍ لا يعرف الخوف، ليرمز به إلى الشجاعة المتأصّلة في النفس العربية والجبال التي أنجبت أبطالها.
ثم تتصاعد الأبيات حتى تصل ذروتها في التمجيد الجمعي لزهران، حين يواجهون الباشا، في مشهد يختزل الكبرياء والإيمان بالكرامة كقيمةٍ إنسانيةٍ ووطنيةٍ لا تُشترى.

الـــــــــــبــــــــــــدع

النمر ما خاف من هيبة بشـر ويقلـع الظـروس
واهل شداه العقايد ما يجازونـه علـى مـا ينهـد

وانت ما تدري وش اللي صابها ويشي بر ضـاع
والذي علقه ضليل ما حد يمشي معه فـي ضلـه

وآنا بعد اليوم ودي باقصر الخطوة ويابني يـوس
وآنا ما ابغى خيرة الا ليتني أسلم فتنتـه والباشـه

ياعساني أحيا واموت ولا تجي رجلي اتجاه ادناس
والمغفل ما يسوي فـرق بنيـن التسـرع والـدم

والرشيد العاقـل اللـي لا نهـوه أكتـف وانتهـا

الـــــــــــــــــــــــرد

حي الله من كيدهم يبري المرض ويقلع الظـروس
ويزلزل نيس وان كان الجبل من غيرهم ما ينهـد

ويرد الكيد في نحـر العـدوا ويشيـب الرضـاع
عاش يحيى هو وربعه والديار البايته فـي ضلـه

وعلى الاحلاف في كل البقاع وداعي ابني يـوس
كلنا زهران والتاريخ يشهـد يـوم جانـا الباشـه

ما خرجنا نطلب الما والحيا رحنا نجاهـد نـاس
ما بقي الاصورة العسكر وعزاة الحدايـل والـدم

كنـه الحلـم الـذي زار العيـون ومـر وانتهـا

الأبعاد الفكرية والموضوعية

رمزية النمر والشجاعة: في مستهل النص يوظّف الزهراني النمر رمزًا للمروءة والقوة وعدم الخضوع، ليؤسس لجوٍّ شعريّ قائم على الكبرياء والكرامة.

الذاكرة الجمعية والهوية القبلية: يستحضر الشاعر تاريخ زهران وأفعالهم في وجه “الباشا”، في تلميحٍ إلى مواقف بطولية واقعية، ليحوّل الحدث إلى رمزٍ للعزّة الجماعية.

الوعي بالحكمة والتعقل: رغم تمجيده للمواقف الشجاعة، ينهي الزهراني مقاطع البدع بنداء العقل والحكمة، مبيّنًا أن “الرشيد العاقل” هو من يعرف متى يكفّ ومتى ينتهي، في موازنة دقيقة بين القوة وضبط النفس.

تحوّل من الفرد إلى الجماعة: الردّ يحوّل الشجاعة الفردية إلى نصرٍ جمعيّ يربط الماضي بالحاضر، مؤكّدًا أن المجد لا يقوم على شخصٍ واحد بل على وحدة الصف والإرادة.

اللغة والبنية: يعتمد النص إيقاعًا قويًا يتدرّج من التشبيه الطبيعي (النمر، الجبل) إلى البعد البطولي، مع صيغٍ لفظية ذات جرسٍ قبليّ وفخرٍ متوارث، مما يعكس أصالة التجربة الشعرية الزهرانية.

قصيدة «النمر ما خاف» ليست مجرد توثيقٍ لبطولة، بل هي وثيقة شعرية للكرامة والزهو، تعبّر عن الإنسان الذي يعتز بأرضه وجماعته دون أن يغفل عن العقل والحكمة.
بأسلوبٍ متينٍ وصورٍ بديعةٍ تزاوج بين الواقعية والأسطورة، يثبت عبدالواحد الزهراني أن الفخر يمكن أن يكون مدرسة قيم، وأن الشجاعة ليست فعل قتالٍ فقط، بل ثباتٌ على المبدأ وصدقٌ مع الذات.
في هذه القصيدة، يتحوّل التاريخ إلى شعر، والشعر إلى ذاكرةٍ منقوشةٍ في جبين الوطن.

إترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تم وضع علامة عليها بـ *

الأعلى